2011-02-19

وكأن جريمة واحدة لا تكفي !!


مع مرور الأيام يتضاعف بغضي  لمبارك وكلابه المنتشرين كالورم في أنحاء مصر ،
نظام فاسد كالأخطبوط له ألف يد ينهش بها الوطن .
بالأمس كنا في زيارة لأهالي ثلاثة من الشهداء من أهالي طنطا ، أُزهِقَت أرواحهم برصاصات الأمن المركزي لمبارك .
أعمارهم مختلفة ، ظروفهم الإجتماعية مختلفة ، اسمائهم مختلفة ولكن .. الجرائم في حقهم واحدة .
لم يكتفي كلاب مبارك بقتلهم بالرصاص الحي ، لم يكتفوا بحصد أرواحهم الطاهرة بلا ذنب ولا جريرة ، بل عملوا أيضاً عن سبق الإصرار والترصد على محو آثار جريمتهم، وحرصوا على أن يضيعوا حقوق الشهداء  المعنوية والمادية .

الشهيد أحمد كمال ، الإبن الوحيد بين ثلاث بنات ، طالب بالفرقة الثالثة في كلية الهندسة جامعة المنصورة 
مهذب جداً ، خجول ، مطيع لوالديه ومحب لهم ، كلما لبت له والدته طلب عادي يقبلها ويقول لها " تسلم ايدك يا حبيبتي " 
كلما دخل على والده قبل جبينه ودعا الله أن يحفظ له والديه واخواته . 
خرج أحمد ليطالب بحق وطنه في الحرية والكرامة ، رغم أنه ميسور الحال ، ورغم أنه لا يعاني من أي مشاكل بسبب النظام 
إلا إنه لم يقل أبداً " أنا مالي " .
حصدته رصاصة من وسط زملائه في أحد جنبيه ، هرع به زملائه على مستشفيات خاصة قريبة من مكان اصابته إلا إن جميع المستشفيات الخاصة رفضت استقباله لأن هذه الحالات يجب أن تُعالج في مستشفى حكومي لإعداد التقارير الجنائية .
هرعوا به إلى مستشفى الجامعة بطنطا ، أجروا له عملية بعد أن بحثوا طويلاً عن المعدات الطبية والأدوية اللازمة بالخارج لأنه كالعادة المستشفى لا تملك الإمكانيات الطبية اللازمة لأي عملية .
تُوفي أحمد في المستشفى بعد إجراء العملية ، و أصر الأطباء على أن تكون خانة سبب الوفاة في شهادة الوفاة فارغة !!
وكأن جريمة قتله لم تكن كافية فأتبعوها بجريمة أخرى !
وعندما أصر الأهل على إدراج السبب الحقيقي للإصابة ومن ثم الوفاة قالوا لهم " مش عاجبكم نشرحه " وبالطبع عليه أن يبقى في ثلاجة الموتى ثلاث أو أربع أيام ، وبالطبع رفض أهله وقالوا إن كنوز الدنيا لا تساوي ألا نكرمه بعد موته وندفنه ولا تساوي تعويضات الدنيا لحظة واحدة يرونه فيها مجدداً .
أم الشهيد أحمد بكت وهي ترينا علم مصر الذي لفه به اصدقائه حين أصيب لمنع النزيف ، رفض صاحب العلم أن يغسله وأهداه لأسرة الشهيد وعليه دمه ، احتضنت العلم وبكت وقالت لنا .. " كل ما يوحشني أحضن العلم اللي فيه دمه واتغطى بيه وأحس كأنه هو اللي بيحضني " 
أم أحمد .. ليست نادمة على خروجه في المظاهرات ، وليست حزينة لأنه استشهد .. هي فقط .. تفتقده 
قالت لنا أنه بعد أن فاضت روحه كان وجهه مطمئن جداً ، وكأنه نائم بعمق .
قالت لنا أنه ذهب فداءً لوطنه وأن هذا شرف له ولكل الأسرة . 

أما أحمد معوض ، فهو شاب عمره سبعة عشر عاماً من اسرة رقيقة الحال ،
يسكنون منطقة شعبية في طنطا هو الولد الأكبر تليه طفلتين . 
أحمد كان أيضاً شاب مهذب بار بوالديه ، يعمل في الأجازة كي يشتري لنفسه ملابس جيدة وليدخل الفرحة على قلب اختيه بما تحتاجه الفتاتان من ملابس أو فاكهة أو أي شيء تعجز ميزانية والده المحدودة عن شرائها .
أمه كانت تخشى عليه من المظاهرات فكلما جاء أحد اصدقاءه ليصطحبه للخروج إدعت انه غير موجود خوفاً عليه 
لكن الحذر لا يمنع القدر ، وناداه أحد اصدقائه ولم تكن موجودة وخرجا سوياً ، كان بصحبة عشرات من زملائه في المدرسة 
يشاهد من بعيد ويصورون المظاهرات ومايحدث عند قسم ثاني طنطا حين اصابته ثلاث رصاصات في منطقة البطن 
دمرت الرصاصات منطقة البطن تماماً من الداخل ، الكبد والطحال والأمعاء وكل شيء ، وفقد الكثير من الدم 
وحاول الاطباء أن يجروا له عملية في مستشفى الجامعة إلا إن النزيف المستمر جعلهم يفشلون
واستشهد أحمد ذو السبعة عشرة ربيعاً برصاص الأمن المركزي ، وسبب الوفاة معروف للجميع ويستطيع أي طفل أن يتبينه 
إلا إن الأطباء كتبوا سبب الوفاة غير معروف ، ورفضوا أن يعطوا والده صور اشاعة السونار وغيرها التي تثبت الإصابات
وكالعادة .. " مش عاجبكم نشرحه " 
ولعبوا على وتر العواطف لدى الأم الملكومة والأب الملتاع حزناً على ولده ، وفضلوا أن يدفنوه لأن إكرام الميت دفنه
وضاع حق أحمد .
أسرة أحمد في أمس الحاجة للمعاش والتعويضات الخاصة بالشهداء ، حالتهم المادية سيئة جداً وحزنهم كبير على الولد الذي يترجونه من الدنيا ، والسند الذي كان سيقيم ظهورهم في المستقبل  .

وتكرر الأمر مع الشهيد محمد فوزي عاشور ، الذي يحكي قصته محمد يسري ..

والد الشهيد (محمد فوزى عاشور) رجل جليل في الستين من عمره حارب في حرب أكتوبر و حرب الاستنزاف وكان  عرضة للموت في أي لحظة دفاعا عن وطنه وكرامته .. وبعد كل ذلك انتهى به المطاف بأن يعيش على جنيهات قليلة في اليوم لا تكفي متطلبات الحياة المتزايدة ينفقها على عائلته المكونة معظمها من إناث وليس له إلا ولد وحيد في  الصف الثاني الإعدادي  .
حتى ابنه الوحيد .. الذي كان قرة عينه في الدنيا.. حرم منه واستشهد برصاص الغدر حين  كانوا في شارع جانبي هربا من الغازات المسيلة للدموع ،  وإذا بسيارة الأمن المركزي وراءهم وتطلق الرصاص الحي بغزارة ووحشية  مركزة إطلاق النار على الرأس والصدر . 
وكالعادة .. تدعي التقارير أن  سبب الوفاة غير معروف !!
******

أعجب حقاً لأمر هؤلاء الكائنات التي يُطلق عليهم أطباء وملائكة رحمة الذين ارتكبوا هذه الجرائم !
ألم يخجلوا من أنفسهم وهم يرون بأعينهم شباباً في عمر الورود قتلوا غدراً وهم يطالبون بحق المجتمع كله في حياة كريمة 
ثم يتصرفون بهذه الدناءة ؟ 
يزورون الوقائع ويطمسون الحقائق ويضيعون الحقوق دون أن يطرف لهم جفن ؟
حتى لو مورس عليهم كافة أشكال الضغط أو التهديد لماذا لا يتحلوا بالشجاعة التي تحلى بها هؤلاء الشباب ؟
لماذا لا يضحون بوظائفهم لو كانت هي الثمن الذي يجب أن يدفعونه من أجل الحقيقة ؟
يجب أن تتم محاسبة هؤلاء المجرمين ، وأن يحرموا للأبد من ممارسة الطب لأنهم لا يؤتمنوا على أرواح الناس .
يجب أن تُسترد حقوق هؤلاء الشهداء كأقل تحية لأرواحهم الطاهرة ، وكأقل اعتذار عن طريقة قتلهم البشعة .
يجب أن تتوقف الجرائم عند هذا الحد .

هناك 6 تعليقات:

  1. لقد قررنا عمل ايفينت لمساعدة أهالي الشهداء في طنطا وقد تكون له أهداف أخرى بعد ذلك ... هنبعتلك انفيتيشن ...

    والسـ ختام ــلام

    ردحذف
  2. إنا لله وإنا إليه راجعون
    إنا لله وإنا إليه راجعون
    لا حول ولا قوة الا بالله .
    اللهم أهلك الظالمين ، وأنصر الحق أينما يكون يارب العالمين .

    ردحذف
  3. ياجماعه حرام دم الشهيد يروح عشان تعرفوا تجيبوا حقه لازم يتشرح ويخرج الحقيقه للناس ويتقدم بلاغ للنائب العام عشان الشهيد يرتاح مش نهدر دمه كده انا عرفه ان ده صعب لكن من اجل الشهيدكل الالم يهون

    ردحذف
  4. اختى الصغننة العزيزة سارة كيف حالك؟ ليكى وحشة اكيد انا جيت من كام يوم هنا فى المدونة وقريت ليكى وكنت هكتب تعليق لكن صراحة نفسيتى كانت تحت الصفر الحمد لله دلوقتى ارتفعت شوية وبقت صفر نحمد ربنا
    ربنا يصبر اهالينا اهل الشهداء يارب وينزل الصبر على قلبهم يارب والشهيد صحيح نحزن علشان خسرناه لكن نفرحله لانه من اهل الجنة باذن الله يا بخته عند ربنا
    طبعا مشكورة مع انك اكيد مش مستنية كلمتى لكنك تستحقى ده لانك فرحتى قلبى قوى لما عملتى كده (ربنا يبارك لك)
    انا نفسى اقولك كلام كتير قوى قوى من اول مبروك الكتاب لحد مبروك على رجوع مصر لينا لخوفى عليها لقلقى من اللى بقراه فى الجرايد يعنى انا عبارة عن لغبطة فى بنى آدم واحد
    اكيد هجيلك تانى
    فى رعاية الله

    ردحذف
  5. ليس الاطباء فقط يا عزيزتي ...
    بل كل من يري الظلم امامه ولا يفتح بقه .
    لكن النظام الفاسد علم ناس كتير كيف يكونون جبناء

    ردحذف
  6. فعلا وكأن جريمة واحدة لا تكفي ،، ربنا على كل ظالم ومفتري ، ورحم الله الشهداء واسكنهم فسيح جنانه والهم أهلهم الصبر والسلوان.

    ردحذف

Say something...