اتفرجت مؤخرًا على مسلسل خاتم سليمان، عجبني البني آدم اللي اسمه سليمان العريني بشكل خلاني عايزة أنط اخطفه من المسلسل .. وإن شاء الله بس حتى أتكلم معاه نص ساعة! المسلسل خلاني أفكر في مليون ألف حاجة وحاجة ..
أولهم مثلاً ..
إني على الرغم من إني اتهوست بشخصية سليمان العريني، إلا إني لما بقابل في الحياة حد تكوينه مشابه بتربك .. ما بعرفش اتعامل معاه .. ببقى حاسة إني عايزة اتفرج عليه بيتعامل مع الناس وخلاص من غير ما اتعامل أنا معاه ..
مش بقدر استوعب البساطة دي! مش لأني بحب الشخصيات المعقدة .. لكن لأن الشخصيات اللي بتتعامل معاك ببساطة بـ "تخترقك" وانا بخاف من دا! بحس إن الناس اللي بتتعامل معاك بحدود، وأحيانًا بـ" ألاطة"، وأحيانًا بـ " مكر" بطريقة تعاملها دي بتحميك بشكل ما..
بتخليك قادر تتعامل معاهم من ورا السور .. وتبقى حاسس بأمان .. أو بمعنى أدق " بيخلوني أنا اتعامل معاهم من ورا السور، بالتالي بحس بأمان" .. لكن الشخصية البسيطة، اللي بتخترقني بتربكني .. لأني بحس إنها ما تستحقش إني أعاملها من ورا السور! فبالتالي ما بحسش بأمان .. أو بمعنى أدق .. بحس نفس إحساس البني آدم اللي كان في مكان مقفول، مخنوق، وطلع فجأة للهوا .. فحس برعشة هي مزيج من البرد، والخوف!
تاني حاجة فكرت فيها لما شفته، هو إني أعرف في الحياة " عاشق سارح في الملكوت" زي سليمان العريني بالظبط، أو إلى حد كبير.. في فروق طبعًا بينهم، في حياتهم وفي شخصيتهم .. لكن طول ما انا بتفرج على المسلسل حسيت إني بتفرج على البني آدم دا! اللي بالمناسبة أنا بحترمه جدًا، وبحترم دماغه جدًا، وبحب بساطته مع الناس أوي..
القاسم المشترك بينهم إن الاتنين كانت روحهم "سارحة في الملكوت"، و عايشة الدنيا بجد، ولما بيضحكوا ممكن يرجوا مصر كلها.. واما يحزنوا بيبينوا دا بكل وضوح..
كل دا قبل ما تسرقهم السياسة - غصب عنهم - ويحزنهم حال البلد، ويندمجوا في القرف اللي البلد غرقانة فيه لركبها :(
الاتنين حسيت إنهم كانوا صافيين أوي، مهما قابلتهم مشاكل شخصية، وصعوبات .. ووجع، لكن اللي شرخهم بجد، حزنهم على البلد وحالها!
تالت حاجة فكرت فيها، هي، هل أنا عاجبني التكوين بتاع سليمان العريني دا لأنه بعيد ولا لأنه قريب!
بمعنى، إن مافيش واحد من كل اللي عرفهم سليمان العريني يعرفه " كله على بعضه" زي ما اللي بيتفرج على حكايته عارفه، كل واحد منهم يعرف جانب منه، في اللي حب الجانب دا وفي اللي ما حبهوش.. المهم إن أكتر حد عرفه هو المشاهد ( اللي هو في الحالة دي أنا )، إذن نقدر نقول إن أنا أقرب واحدة ليه في الحدوتة دي، أو أكتر واحدة عرفته..
هل انا عجبني التكوين دا علشان انا شفته من كل ناحية؟ زي الماسة كده لما نشوفها من كل ناحية فننبهر من روعة تكوينها، غير لما نشوف جانب واحد منها قد يكون مالوش معنى؟
ولا أنا عجبني التكوين دا لأنه بعيد عني، لأني مش أنا اللي انفعل عليا، مش أنا اللي هزر معايا، مش انا اللي محتارة في تفسير تصرفاته، مش انا الانسانة اللي اسمي جنب اسمه.. مش انا اللي بنته ومستغربة من أحواله!
بمعنى تاني .. هل عجبني سليمان العريني لأن " اللي إيده في الماية مش زي اللي إيده في النار" ؟؟؟
فكرت كتير وانا بتفرج، في إني بحب جدًا الجنون دا، بحب التصرفات اللي وصفوها بـ " العشوائية"، بس فكرت بردو في إن القرب أوي من شخص زي دا مُتعِب!
الجنون ممتع لتغيير وتيرة الحياة، ممتع لما يكون " لحظة" .. لكن لما يبقى أسلوب حياة .. بيبقى مُرهِق أوي.
سليمان العريني كان صادق أوي في مشاعره، بيعمل كل حاجة بصدق، ومش بيهتم كتير بإنه يشرح للناس تصرفاته أو يبررها، أو يدافع عن نفسه..
لأنه صادق في حب بنته ما قالهاش إنه كان طول الليل سهران في عربيته جنب القسم علشان يحس إنها قريبة..
ما دافعش عن نفسه قدام مراته لما اتهمته إنه مش مهتم بقضية بنته..
هو لأنه صادق شايف إن الصدق كفاية، وطظ في أي حاجة تانية.. لأنه مخلص النية فهو مهتم بنتيجة تعبه عشان بنته، مش مهتم بإن بنته تعرف إنه تعب عشانها.. مش مهتم يدافع عن نفسه قدام مراته لأنه عارف انه صح
في الموقفين دول هو اتصرف نفس التصرف، بس مرة كان غلط ومرة كان صح..
بنته كانت محتاجة تحس إن أبوها مهتم، كانت زعلانة منه وكانت ممكن تؤذي نفسها لأنها ما حستش انه مهتم بيها
ظلمته، وهو ظلمها .. لأن الناس اللي بنحبهم بيحتاجوا من وقت للتاني، إننا نقولهم/ نوريهم إننا بنحبهم.. ماينفعش نكتفي بـإنهم " متأكدين إننا بنحبهم"، ما ينفعش نكتفي بتصرفات هم مش شايفينها.
وفي ناس تانية .. ما يستحقوش نبررلهم أي تصرف، ما يستحقوش نضيع من وقتنا في الدفاع عن نفسنا قدامهم.. لأنهم مش هيسمعونا، ولو سمعونا مش هيقتنعوا، مش لأن مبرراتنا ضعيفة.. لكن لأنهم مش عايزين يصدقوا غير الأوهام اللي في دماغهم.
استفزتني جدًا شخصية مراته، ما اعرفش أنا خيالية زيادة عن اللزوم ولا معايا حق، في إن مافيش في الدنيا حاجة تساوي إني أكون عايشة مع بني آدم بالصدق دا!
وكمان مش فاشل، ومش غبي ومش مجنون .. مش مثلاً سارح في الشوارع وسايبها من غير أكل، بالعكس هو بني آدم ناجح وكويس وجد في شغله، ليه تفرط فيه عشان فلوس ونفوذ وسُلطة!
والمشكلة إنها من كتر البلاوي دي مش لاحقة تستمع بحاجة منهم!
يعني الفلوس مش عارفة تستمتع بيها، لا لاقية وقت ولا لاقية دماغ رايقة علشان تستمتع بيها! طول المسلسل ما لبستش عشر اطقم على بعض :D
والنفوذ والسلطة مش جايبين لها إلا المِطاطِية ( من فعل طاطي :D ) والمحلسة للي يسوى واللي ما يسواش علشان تعدي! ما بتستعملش نفوذها دا غير على ناس من طبقات مطحونة .. العاملين في المستشفى، وكده .. طب ما استكفي بمساحة النفوذ دي بقى وعيشي رئيسة جمهورية نفسك وخلاص! إيه لزومه يعني الطمع!!!
مش قادرة ألاقي له مبرر " عقلي" مش حتى عاطفي، مش شايفاه منطقي إني أضيع حياتي في إني أجمع حاجات مش هستعملها!
نفس عبثية فكرة إننا نجمع الاستيكر من علب الشمعدان علشان نكسب عجلة، واحنا متأكدين إنهم أصلاً ما طبعوش الاستيكر كامل :D
سليمان العريني عجبني بقى جدًا جدًا في النقطة دي، فكرة إنه مش لازم علشان أنا انسان بسيط، بستمتع بالحياة، أكون فاشل في شغلي، أو مهمل فيه، وأعيش دور اللاسع بقى اللي ما بحبش القيود والأفلام الهابطة دي.
بصراحة اكتشفت إني، بعشق الناس الناجحة، وبعشق منهم بالذات .. الناس اللي نجاحها في شغلها، ما يخليهاش تنسى إنها عايشة في "الحياة".
عجبتني جدًا توليفة المعارف، والأصدقاء بتاعة سليمان العريني، بني آدم فعلاً ينطبق عليه " لا يهمني اسمك، لا يهمني لونك، يهمني الإنسان .. ولو مالوش عنوان" .
عجبني إنه عارف يتعامل مع كل انسان بالطريقة اللي تريحه، من غير ما يكون بمليون وِش!
حدوتة جواهر، والفرق بين شهادتها في النيابة وشهادة اختها، أكد لي فكرة إنه من الغباء إنك تستفز، أو تهدد، أو تتحدى .. انسان ماعندوش حاجة يخسرها.
وأكدت لي فكرة إن أحيانًا عقلنا بيخلينا جبناء.. يمكن لو جواهر كانت في كامل توازنها النفسي والعقلي، ما كانتش قدرت تكون بالشجاعة دي.
أخيرًا ، بعتذر للي ما شافش المسلسل علشان رغيت كل دا في حاجة هو مش قادر يفهم قصتها بالظبط، بس فعلاً أنا حبيت أفرغ مع نفسي خلاصة "الحياة" اللي اتفرجت عليها دي، لأنها لمستني، وخلتني أفكر.