2015-01-06

طقس تقليدي في وداع 365 يومًا

لخط أوضح اضغط ctrl و +                   


"تمهيد"

كشوف الحسابات ليست مجدية، كل عام في وداع سابقه نتفنن في ادعاء الموضوعية، نواجه أنفسنا بعيوبنا، وأخطاء ارتكبناها وأحلامنا التي لم ننتحرك نحوها قيد أنملة، وخذلاننا وضعفنا وكأننا نسلم للعام الجديد عهدته ونتأكد أنها كاملة..
كل عام نبالغ في التدقيق في ما نعتبرها وهمًا "إنجازاتنا" كتاجر مفلس، لنبتاع بها بعض الحماس لمواصلة عام جديد، لن يتغير الوضع كثيرًا لو لم نستقبله بكل هذه الضجة، ونحن نعلم جيدًا أننا لو كنا ننجز حقًا لما احتجنا لورقة وقلم لتذكر ذلك.
كل عام نختذل الـ 365 يومًا في 4 أحرف، نجمعهم معًا في سلة واحدة ونضع لها تصنيفًا واحدًا، ونلقها خلف ظهرنا، بكل تفاصيلها.. الحلوة والمرة، ونختصر كل هذا في وصمة نلطخ بها العام حسب مزاجنا الحالي، أو على الأقل حسب حدثه الأخير.. وننسى تمامًا كل ما حدث، حتى إذا جربنا التفتيش في ذكرياتنا بعد زمن، نمر بسطحية أمام الأدراج، نقرأ التصنيف، ونهمهم "كانت سنة....".

"عناوين"

عرفت تمامًا شعور الدجاجة في آلة تنظيف الريش!
كلمة السر... أنا سعيدة.. أنا كاذبة
نحن أجبنّ من الاستمرار في كذبة
زئردة.. سمكتي الذهبية
اللعبة لا تستهويني
الشخص الأوفر حظًا بأصدقائه على الإطلاق
هل يستحقون حقًا عناء ابتسامتك؟
الأبعد.. أكثر أمانًا
العالم أتفه من أن تكترث له

"تفاصيل"

مش فاكرة بالظبط بداية السنة اللي فاتت كانت إزاي؟ مش قادرة أفتكر بالظبط أنا انبسطت أكتر ولا زعلت؟ بس أنا حاسة إني طالعة منها كسبانة! 
جربت نوع جديد من القوة، ومن راحة البال! راحة التخلي عن الحاجات/ الناس اللي طول الوقت خايف تخسرها، فما تقدرش تستمتع بالحياة من كتر ما انت طول الوقت خايف ومتكدر وقلقان وزعلان.
فاكرة كويس أوي إني عيطت السنة اللي فاتت دي كتير، وإني انهرت أكتر، وإني اكتأبت وارتبكت واتصرفت بغباء في مواقف كتير.. بس لما برجع أبص للنتيجة بلاقي نفسي كسبانة! حتى خساراتي كانت محشية مكسب! لدرجة إني مكسوفة وأنا بكتب "خسارة"..
مِش فاكرة من السنة اللي فاتت غير إني يمكن دلوقتي مش كويسة.. بس هبقى كويسة ! وإني متقبلة كل اللي حصلي وبيحصلي باعتباره حاجة ضرورية علشان أكبر بقى وأبطل أبقى "كدة" زي ما انا كده! 
فاكرة كمان إني أكتر واحدة على وش الأرض محظوظة بناس بتحبها بجد وبتهتم بيها، وبيساندوها ويسندوها (والفرق بين الكلمتين كبير)...
مزاجي الهباب، ونفسيتي الملغبطة وفترة كآبتي واكتئابي اللي طولوا من أهم مميزاتهم إنهم فلتروا الناس من حواليا.. مين كويس بس شايف انه مش مضطر يستحملك.. مين بيستحملك في أي وضع.. مين بيحبك جدًا لدرجة إنه مش قادر يستحملك.. ومين بيحبك جدًا لدرجة إنه بيحب يستحملك!
فاكرة كمان إني عرفت الفرق بين الطبطبة اللي بتسند وتقوي وتهون.. والطبطبة اللي تضعف وتوجع، والفرق بين "مالك" الحنينة.. و"مالك" الفضولية اللي صاحبها بيقدمها كمفتاح لباب مليان تنظير وتنطيط..
عرفت السنة اللي فاتت بالذات قيمة الناس اللي تقدر تآمن لهم! الكنز اللي جوا بير بيستوعب كل حرف تنطقه ويدفنه للأبد جواه..
السنة اللي فاتت عرفت معنى الفرحة اللي مش مشروطة.. اللي هي "كدة وخلاص" وعرفت إزاي "أفرح وخلاص" وأستوعب الفرحة في لحظتها ومش مهم أي حاجة بعد كده..
ما عملتش إنجازات علشان أتحكم في حياتي وأغيرها السنة اللي فاتت، علشان أتعلم كتير وأعرف كتير وأعرف أنبسط رغم كل حاجة.. أنا بس "عشت".. والظروف خدمتني.. وعرفت أستغل كل حاجة بتحصل لي
السنة دي ممكن ما اعملش إنجازات كبيرة.. بس متأكدة إني هستوعب حاجات أكتر في الحياة.. مش لأني رهيبة ومافيش مني.. لكن حاسة إن ربنا شاء إني أعرف .. وبيحط في طريقي كل اللي ممكن يعرفني الدنيا.
جلفدان وعصابتها، وزئردة.. كانوا من أهم الحاجات في حياتي السنة اللي فاتت..
لسة مش مستوعبة إن جلفدان بقت ماما! ومش مستوعبة إني ولدتها.. مش مستوعبة إن ولادها اللي كانوا أصغر من كف إيدي بقوا قطاقيط كبار وبيلعبوا دلوقتي ! وعيني بتدمع كل ما ابص لهم وأشوف كده كأنهم ولادي! 
زئردة.. كأنها سمكة دهب جلابة حظ!
مش متخيلة إزاي الكائن الصغنن اللي وقع لي من السما حرفيًا، وكنت شايلة هم إنه يكون عبء إضافي يخليني مبسوطة كده.. ويخليهم مبسوطين كده!
زئردة اللي بقت يتيمة وأمها الله أعلم عايشة أو ميتة، اللي جلفدان وعيالها كانوا رافضينها وبيضربوها بعنف، وعوروها كتير.. 
زئردة اللي حاولت أتخلى عنها فهي رفضت تتخلى عني ! 
بابتسامة روحها اللي بحسها رغم إن ملامحها ما بتضحكش.. وتخطيها لكل حاجة رخمة تحصل لها بسعة صدر مدهشة وبراءة طفولية غريبة.. دلوقتي بقت ست البيت :) ووِش السعد..
ماقدرش أنسى أزمة جلفدان النفسية ! (أيوة كان عندها أزمة نفسية!!) 
لما بقت أم واتركنت على الرف، وبدأت تكتئب.. تنام كتير.. تقعد بعيد.. وتراقب لعبي مع ولادها بحسرة! فخورة جدًا إني قدرت أتعامل مع الموقف وأرجعها تاني.. شقية وحيوية كأنها أصغر عيالها ! بالنسبة لي دا انتصار كبير.. في عز ما أنا حاسة إني كائن فاشل ما بيعرفش يسند حد! وفي عز ما كان في ناس مصرة جدًا تحسسني إني مش فاهماها ولا هقدر أفهمها ولا هقدر أساعدها.. عرفت أساعد كائن حي ما بيفهمش الكلام مافيش بيننا لغة.. وساعدته يتغلب على أزمة نفسية!