2018-01-31

إلى ر فعت.. الرسالة (49)


لا مذاق لي يارفعت. كل تلك الخيارات، حتى التي أتخذها بنفسي، لا تشبهني. لا تشبه كل هذا الصخب الذي يحدث داخلي.
أنظر في عيونهم، أعرف أن تلك التي يرونها ليست أنا. أشعر بالخيبة أحيانًا أتمنى لو أفتح عيونهم على وسعها وأجبرهم على رؤيتي، وأحيانًا أكتفي بثقب نافذة إلى قلبي كي يرون وجهًا لا يلمحونه دون مساعدتي. 
أحيانًا أشعر بالسخط، ألعنهم لأنهم لا يبذلون جهدًا كافيًا لرؤيتي كما أنا، على حقيقتي، ثم أخبر نفسي بأنني في موضعهم لن أبذل ذلك الجهد الذي أنتظر أن يبذلونه لأجلي. أنا في النهاية شخص غير مثير للاهتمام للوهلة الأولى، تمامًا مثل الفيلم الأول لتوم هانكس.
وأحيانًا أخرى لا أبالي، أنظر للصورة الوهمية في عيونهم وأسايرهم وأنا أضحك لنفسي من حماقتهم. ولكنني، أعترف، أحيانًا أخاف أن يكونوا هم على حق، وأنا الحمقاء التي لا تعرف نفسها.
أتأمل حساب ذلك الزميل على "انستجرام" يبدو وسيمًا واثقًا في الصور. ابتسامته لا بأس بها، مسماه الوظيفي يبدو جيدًا، يؤمن بأنه يجيد عمله وكثيرًا ما يتحدث عن ذلك، حتى أمامنا نحن الذين نعرف الحقيقة كاملة. أتساءل هل يعرف الآخرون، الذين لا يرون منه إلا الصورة، أن رائحته مزعجة وأن قدراته محدودة وأنه لا يحظى باحترامنا؟ 
الوسيم الآخر الذي يعرف أنه وسيم ويتعامل مع أي فتاة باعتبارها واحدة من معجباته، هل تعرف الفتيات اللائي يتساءلن بحسرة عن سر عزوبيته إلى الآن أن عقل الطفل أكثر نضجًا منه وأنه مغرم بالخلافات الصغيرة والمشاكل التافهة وأن أي كلمة تعبر أذنيه لابد وأن ورائها مؤامرة؟ أشعر بالرعب وأنا أفكر في هذه المفارقات، في المسافات التي تجعل الصور أكثر وضوحًا والقرب الذي يخفي عنا الكثير من التفاصيل والزاوية التي ننظر منها والتي توهمنا أحيانًا بأن المشهد بانورامي أمامنا في حين أنها في النهاية مجرد زاوية للرؤية لا أكثر.
في طفولتي كنت أصدق بانبهار ما يقوله الآخرون عن أنفسهم، أشعر في الوقت نفسه بالضآلة لأنني لا أملك يقينا مشابهًا تجاه نفسي. حين كبرت وأصبحت أميز الفرق بين ما يقولونه والحقيقة أصبحت أشعر بالخوف من أن أملك مثل هذه الثقة التي تجعلني أبدو حمقاء في عيون الآخرين، الذين يرون الحقيقة التي لا يمكنني رؤيتها. كل ما أقوله عن نفسي، لا عن مشاعري، أحرص أن يكون مصحوبًا بـ "ربما" و"أعتقد" أو "هكذا أرى" لأمنح نفسي خطًا أخيرًا للرجعة "على الأقل لم تكن أكيدة تمامًا".
.....
كل هذا هراء يا رفعت، كل ما كتبته إلى الآن محض هراء. في الحقيقة، كل ما كنت أود أن أقوله، وكل ما يؤلمني هو أنني أشعر بأنه "لا مذاق لي"، أنا أشبه الماء الذي أحبه كثيرًا، له مذاق غير محسوس، لكنك تميزه حين يتغير.

2018-01-27

مسألة وقت


من البداية كان الصراع مع الحياة مسألة وقت. هل نضجر ظلام الرحم فنموت، ننتظر وقتًا أطول ولكنه أقصر مما ينبغي فنولد مبتسرين، أم ننتظر إلى النهاية ونطرد إلى الجحيم/ الحياة ! 

2018-01-24

خلطبيطة بالصلصة..

.....
بما إنه:
"I can't run. I can't hide. And I can't wait."
وبما إني ماعنديش كمان الأوبشن العظيم اللي كان عندها في الفيلم وهو "قتله" لأني مش عارفة أنا بالظبط المفروض أقتل مين ولا مين ولا إيه عشان أحس براحة.. قررت أدخل مود الـ Hibernate لفترة مؤقتة.. وأبطل أرفص في الرمال المتحركة عشان ما اغرقش فيها لحد ما يظهر رقم جديد في المعادلة أو يظهر حل.. 

في أغنية ما جات على بالي دلوقتي ماعرفتش أمسكها بتتكلم عن إنه في حاجات ما بيحلهاش غير الوقت.. 

قررت إني في آخر كل يوم أهدي نفسي دش سخن.. وشوية تفضية دماغ.. وأحاول استمتع بالكام دقيقة اللي بقعدهم في البيت..

....

حاسة إن مافيش أي تفسير لروحي المرهقة بالدرجة دي في السن دا إلا إني جاية من حياة تانية وعجزت بقى وتعبت.. 
النهاردة لما لمحت الست العجوزة في العزا، داخلة بعكاز فكرت في إني عمري ما باخد أبدًا الخطوة دي إلا لو الناس خدتني في رجليها كده نروح.. مارحتش عزا غير مرات معدودة.. فكرت هل هبقى مستنية حد يعزيني؟ مش عارفة! 
المهم إني لمحت تحت عبايتها السودا اللي كان فيها بواقي شياكة قديمة إنها لابسة بنطلون بيجامة رجالي صوف، ولابسة شراب رجالي مدخلة فيه رجل البنطلون عشان تواجه البرد اللي جسمها في السن دا ما يقدرش يواجهه لوحده.. 
خفت أوي لما حسيت إني نفسي أوي أوصل لسنها دا ومرحلة السلام دي.. هي نازلة من البيت بهدوء، العزا دا هو أكتر حدث بارز في يومها، مقررة إن راحتها ودفاها أهم من شكلها، وبردو حاولت تلبس اللي يعجب الناس.. بشكل ما اتمنيت أكون مكانها..
خايفة أوي لما الدوشة اللي في حياتي تخلص، أحس إني ندمانة وزهقانة من الهدوء دا.. 
مش عارفة ليه فعلاً أنا بعيش برة الوقت وطول الوقت مستنية حاجة في زمن تاني؟؟

....
فكرة إن مشكلتنا تبقى جوا دماغنا دي مرعبة، أنا أصلاً دماغي صعيدي زي ما أمي بتقولي، فبيبقى صعب عليا جدًا أقنع نفسي بحاجة!
بقعد ساعات طويلة قدام الكتابة متنحة لأن دماغي عاصية عليا وعايزة حالاً وأنا المفروض أسلم الشغل، تكتب في الرواية اللي بادئة فيها من 4 سنين، ولما أفتح الرواية اللي بادئة فيها من 4 سنين تهرب لفيسبوك! دماغي عاملة زي تلميذ خيبان بيهرب من المذاكرة للأكل! 
في المقابل، ماعنديش من السنتحة ما يكفي لإني أسمع كلام دماغي وأريحها وأعمل اللي عايزاه فعلاً 

....

كنت بفكر كده، لقيت إني شخصية مرهقة للي أحبهم جدًا.. الحب عندي (في الوقت الحالي) أهميته تكمن في إني أشارك اللي بحبه وأثق فيه، كل هشاشتي وأعمق مخاوفي وأفكاري السودا وأحاسيسي بالإحباط، بكتشف إني بحب حد لما أكون مستعدة فعلاً أعمل معاه كده.. المشكلة إني اكتشفت إن دا بيشيل اللي قدامي مسؤولية ويحس إنه المفروض يعمل لي حاجة، وممكن يحس بالإحباط إنه مش قادر يساعدني، وأنا المساعدة فعلاً اللي محتاجاها كلها إني أحس إني "مسموح لي أشارك" من غير ما أخاف إن دا يدي انطباع عني بإني سوداوية أو كئيبة أو ضعيفة! 
معرفش أنا كده كئيبة ولا لأ، لكن أنا في المقابل عندي نفس الرغبة في المشاركة بكل حاجة فرحتني، بسطتني، خلتني ابتسم، شفتها حلوة وعجبتني، وكل فكرة إيجابية فكرت فيها بخصوص الفكرة السلبية اللي سبق واتكلمت عنها! باختصار بشوف الموضوع كأني بدي full access لمساحة أفكاري ودماغي.
بسجل الكلام دا دلوقتي عشان عايزة أرصد كده أنا إمتى هغير فكرتي دي عن الحب، هكتشف إنها غلط أو ما تنفعش امتى! خاصة إني مؤخرًا اكتشفت إن دا ما ينفعش.. وإن دا مرهق ومربك جدًا للآخر.

....

يوم بعد التاني بحس إنها حاجة مرعبة إني أجيب طفل للعالم. النهاردة كنت بفكر في إنه ذنبي إيه إن زهرة شبابي تبقى في الزمن دا؟ العالم كأنه بينتهي، الحياة بتخلص والفرص بتخلص والوضع مرهق جدًا وتقيل ومحبط حتى بالنسبة للناس اللي حققت جزء كبير من أحلامها. بفكر بعدها في ولاد أخويا، إزاي فعلاً هيقدروا يواجهوا العالم دا؟ بفتكر إنه الأجيال الجديدة طالعة أكثر قوة مننا، أكثر وعيًا وذكاءً، وإننا بنحب ولاد أخويا زي ما اتمنينا نتحب وفعلاً هندعمهم.. بس بردو الدنيا بقت قاسية أوي ومفزعة، وحقيقي كأنها آخر أيام الأرض..

.....
اليومين دول هافف عليا جدو محمد، فاكرة كويس إنه سابنا يوم 20 يناير، من كام يوم كنت بقرأ الرسالة اللي حكيت فيها لرفعت عن اليوم دا وكنت بعيط بهيستريا، فاكرة كل التفاصيل والإحساس التقيل على قلبي.. الغريب إنه بالصدفة كان "العشق الممنوع" بيتعرض في التلفزيون كأن كل حاجة بتتآمر عليا عشان أفتكر.
بفتكر دلوقتي إنه أيامها كانت قعدتي دي، أكتب على اللابتوب للمدونة، كان ليها طعم سحر، وجو مليان سسبنس وكنت مبسوطة بكل ضغطة لإيدي على الكيبورد. أنا حاسة دلوقتي إني في مرحلة ما بعد الحرب، بعد ما نشوة الانتصار تختفي، ويبدأ كل جرح حصلي وقت الحرب ينقح عليا واكتشف مدى فداحة الخساير اللي حصلت لي، وماكنتش حاسة بيها في المعركة بفضل الأدرينالين العالي، وغريزة البقاء، وإن "السكينة سرقاني".. أنا حاليًا فقت من البنج.