2018-02-17

إلى رفعت.. الرسالة (51)


لماذا نقيس الحب دائمًا بالمجهود المبذول لإثباته ولا نقدره أبدًا بقدر الراحة التي نشعر بها في وجود الآخر؟ هل تعرف الراحة التي أقصدها؟ أظنها تشبه ما تشعر به قطعة بازل حائرة استقرت في موضعها الصحيح أخيرًا بعد عشرات المحاولات لحشرها في غير مكانها. تلك الراحة التي تجعلنا أكثر ثقة، تجعل ابتسامتنا رائعة وروحنا أخف، تلك الراحة بأن نشعر أننا في المكان الصحيح والوقت الصحيح تمامًا وكل ما هو خارج هذه البقعة وهذه اللحظة لا يهم.
حين قالت الفتاة ذات الشعر الأزرق في الفيلم "العديد من الرجال يظنونني أكملهم، أو أنني سأجعلهم أحياء، ولكنني فقط فتاة مدمرة، ترغب في راحة بالها" وددت لو أخترق الشاشة لأحتضنها، وفعلتها مرة أخرى حين كررتها "لستُ ذات مبدأ يا جول.. أنا فتاة تعيسة تبحث عن راحة بالها" هذا ما أتحدث عنه تمامًا يا رفعت. هذا ذاته ما قاله أمل دنقل يومًا "أريد علاقة أكون فيها كما لو كنت جالسًا مع نفسي في غرفة مغلقة."
لا أتخيل أنني بعد يوم صاخب سواء قضيته في العمل أو في مواجهة الحياة اليومية، سأبحث عما هو أكثر من راحة بالي يا عزيزي. ذلك الشعور بالسكون والراحة وتوقف ضجيج الرأس والأسئلة المزعجة. لا أريد أن أحتاج يومًا لمجموعة دعم نسائية تحلل لي كلمات "الآخر" وتصرفاته وتلقنني الردود الصائبة لنتبادل قصف الجبهات ببراعة محترف التنس. لا أريد أن أحتفظ داخلي بصفحات مطوية لأنني أخاف أن أفقد جاذبيتي لو أصبحت كتابًا مفتوحًا. لا أريد المزيد من الحيرة والقلق يارفعت لأنني اكتفيت. 
لماذا يكون شيئًا بسيطًا كعدم الحاجة لخطة أمرًا بهذه الصعوبة يا رفعت؟ لا أعرف متى أصبحت الدنيا معقدة لهذه الدرجة، أشعر أنني لو امتلكت نظارة سحرية ما سأرى جميع الناس في الشارع يحملون تحت إبطهم لفائف ورقية كبيرة عليها عشرات الخطوط المعقدة والمتشابكة تجسد خططهم للتعامل مع الآخرين ولفائف أخرى مكتوبة بخط دقيق تحمل تحليلاتهم المعولبة لردود فعل الآخرين وتصرفاتهم. هذا هو التفسير المنطقي الوحيد لكل هذا التعقيد الذي نعيشه يارفعت.

هناك تعليقان (2):

Say something...